الطاقة كانت وما زالت وستبقى مكونا أساسيا للحياة، وداعما رئيسا للتقدم والصناعة بجميع أنواعها. اختلفت مصادر الطاقة منذ الأزل باختلاف الحاجة إليها، بداية من حرق الأخشاب للحصول على الدفء، مرورا بحرق الفحم، ومن ثم النفط الخام والغاز الطبيعي ومشتقاتهما، وصولا إلى الطاقة النووية والمتجددة بأنواعها. لن يقف العالم عن البحث الحثيث لإيجاد مصادر دائمة للطاقة وتطوير المتاح منها؛ نظرا للنموين السكاني والصناعي اللذين يشهدهما العالم.
أعلنت "أرامكو السعودية" قبيل أيام، توقيع اتفاقية مع شركة أير برودكتس، وهي شركة عالمية تعمل في مجال الغازات الصناعية؛ لإنشاء أول محطة هيدروجين في المملكة؛ لتعبئة المركبات بخلايا الوقود الهيدروجيني، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيلها في الربع الثاني من عام 2019 بحسب تصريح "أرامكو السعودية".
في هذا المقال، سأسلط الضوء على تعريف الوقود الهيدروجيني، والغرض من إنشاء أول محطة لتزويد المركبات بالوقود الهيدروجيني في السعودية. خلية الوقود الهيدروجيني يمكن وصفها بأنها أداة لتحويل الهيدروجين إلى كهرباء وماء في عملية كهروكيميائية، ولتبسيط الصورة بعيدا عن المعادلات الكيميائية، نستطيع القول إن خلية الوقود تحتاج إلى كل من الأكسجين والهيدروجين مدخلات أو مصدرا لتغذيتها، ما يُنتِج لنا الكهرباء بصورة أساسية، والماء منتجا ثانويا. ويميز هذا النوع من الوقود، أنه يُنتِج الطاقة بفاعلية دون الحاجة إلى عملية الاحتراق التقليدية في المحركات لاستخلاص الطاقة، ولا تنتُج عنه انبعاثات كربونية، ما يعني أنه وقود صديق للبيئة. وتهدف الاتفاقية، التي تم توقيعها بين "أرامكو السعودية"، التي ستوفر خبرتها الصناعية المميزة ومرافقها وقدراتها في مجال البحث والتطوير، وبين شركة أير برودكتس التي لها باع طويلة في مجال الهيدروجين، تهدف هذه الاتفاقية إلى تأسيس أسطول تجريبي من المركبات التي تعمل بالوقود الهيدروجيني، وسيتم تزويدها بالهيدروجين المضغوط عالي النقاء.
ونقلا عن "أرامكو السعودية"، ستوفر شركة تويوتا للسيارات سيارات من نوع "ميراي"، التي تعمل بخلايا الوقود لإجراء الاختبارات في فترة التجربة؛ وهذا يعني أن هذه المحطة التي سيتم إنشاؤها في مركز التقنية ذي المعايير العالمية الخاص بشركة أير برودكتس في مجمع العلوم في وادي الظهران للتقنية محطةٌ تجريبيةٌ للتجارب واختبارات الكفاءة والتطوير بالتعاون مع "أرامكو السعودية" . أعتقد أن هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات التي تهدف إلى تخفيض استهلاك النفط الخام ومشتقاته لتوليد الطاقة بأنواعها تؤكد أننا -بإذن الله- نسير في الطريق الصحيح لتحقيق رؤيتنا الطموحة "رؤية السعودية 2030"؛ حيث إن تنويع مصادر الطاقة، مثل الغاز الطبيعي الذي أفردت له سلسلة من المقالات، وطاقة الريح، والطاقة الشمسية، وكذلك الوقود الهيدروجيني محل هذا المقال، إضافة إلى الطاقة النووية سينعكس إيجابا بلا شك على اقتصاد وطننا الغالي؛ حيث إن هكذا مشاريع ضخمة ستفتح المجال بلا شك لأبناء الوطن؛ لتوظيفهم، وتمكينهم، وخفض نسب البطالة.
الجدير بالذكر أن كل برميل من النفط يتم توفيره وعدم استهلاكه محليا لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر، سيتم تصديره وبيعه، ما يؤدي إلى ارتفاع الإيرادات التي تصب في ميزانية الدولة حفظها الله. جميع الاتفاقيات داخل "أوبك" أو مع الدول المنتجة المستقلة خارجها تتم بناء على كمية الإنتاج وليس الصادرات.