هبطت أسعار النفط وخسر قرابة 30 في المائة من قيمته لمدة سبعة أسابيع متتالية؛ حيث وصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى أدنى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2017 عند 59 دولارا تقريبا للبرميل، ووصل سعر برميل غرب تكساس إلى 50 دولارا تقريبا. لو عدنا إلى الوراء قليلا قبل تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني، ويهمنا هنا الصادرات النفطية التي وصلت قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ إلى 2.5 مليون برميل يوميا، لوجدنا أن بعض وسائل الإعلام العالمية والإقليمية كانت تحذر من ارتفاع صاروخي لأسعار النفط قد تصل إلى 150 دولارا للبرميل! دخلت العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ يوم الإثنين الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) بعد انسحابها من الاتفاق النووي في أيار (مايو) الماضي، ووصلت صادرات إيران من النفط إلى قرابة 1.5 مليون برميل يوميا؛ أي بانخفاض مليون برميل يوميا "66 في المائة" من صادراتها، ومع ذلك هبطت أسعار النفط! فما أسباب هذا الانخفاض؟ وإلى أين ستصل الأسعار؟ ذكرت في المقالين السابقين أن أحد أسباب انخفاض أسعار النفط هو انخفاض الطلب من الصين، التي تعد أكبر دولة مستوردة للنفط، وتباطؤ النمو الذي تشهده بكين. إضافة إلى عدم تطبيق العقوبات الأمريكية على صادرات إيران النفطية بشكل كامل، والوصول إلى "الصفر"؛ حيث منحت واشنطن استثناءات لثماني دول لاستيراد النفط الإيراني. أحد أهم الأسباب التي لا يمكن تجاهلها هو ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط إلى قرابة 11.7 مليون برميل يوميا، وارتفاع إنتاج "أوبك" خلال الشهور القليلة السابقة 500 ألف برميل تقريبا ومن روسيا كذلك. هبوط الأسعار يضعنا أمام حقيقة واضحة أن هناك تخمة نفطية ما زالت قائمة، دفعت الأسعار إلى الهبوط رغم نقص الإمدادات النفطية الإيرانية جراء العقوبات الأمريكية، وأعتقد - من وجهة نظر شخصية - أن الموجة الإعلامية قبل دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، التي كانت تحذر من ارتفاع أسعار النفط، كانت بعيدة كل البعد عن واقع أسواق النفط وأساسياتها، سواء كان ذلك بقصد الحيلولة دون تنفيذ العقوبات الأمريكية على إيران أو بغير قصد! حدث ما حدث، ولكن أسعار النفط إلى أين؟ وهل ستصل الأسعار إلى مستويات 2014 التي أضرت بالدول المنتجة للنفط؟ أتوقع - والعلم عند الله - أن أسعار النفط لن تنخفض أكثر من ذلك، وإن كان هناك انخفاض، فلن يتجاوز 10 في المائة، وأن سعر برميل خام برنت لن يهبط دون 55 دولارا للأسباب التالية: سينعقد اجتماع "أوبك" في السادس من كانون الأول (ديسمبر)، وأتوقع أن ينتج عن هذا الاجتماع خفض للإنتاج في حدود مليون برميل كحد أدنى، ما سيسهم في تخفيف آثار التخمة النفطية على الأسعار، واتساق روسيا مع توجه "أوبك" بقيادة السعودية لتوازن أسواق النفط؛ حيث صرح ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، بأن موسكو ملتزمة بالاتفاقات المبرمة في هذا الصدد، وأنه إذا كانت هناك قرارات متخذة تبعا لحركة الأسواق عندئذ، فستعمل روسيا بالطبع بالتنسيق مع الدول الأخرى، بحيث تكون السوق متوازنة ومستقرة. من المتوقع أيضا أن تنخفض الصادرات الإيرانية نهاية العام لتصل إلى مليون برميل، ما سيسهم بلا شك في تقليص المعروض، وقد نرى سعر برنت في حدود 65 دولارا للبرميل، والله أعلم.
أسعار النفط .. إلى أين؟
- Details