ذكرت سابقا أن المعادلة النفطية قد تغيرت منذ بزوغ نجم النفط الصخري الأمريكي خلال السنوات القليلة السابقة، وقد أفردت سلسلة من المقالات بعنوان "النفط الصخري تحت المجهر"، تناولت فيها الجوانب الفنية للنفط الصخري، وتعريفه، وتأثيره في أسواق النفط وأسعارها. بناء على بعض الدراسات الاستشرافية من جهات يعتد بها في صناعة النفط، ذكرت أن النفط الصخري يجب أن يتم التعامل معه بلا إفراط ولا تفريط، فلا يمكن تهميشه وتجاهل تأثيره في أسواق النفط وقانون العرض والطلب كما كان ينادي به بعضهم، وفي المقابل لا يمكن إنزاله في غير منزله وتصويره على أنه المتحكم في الأسعار! إذن هو بلا شك أحد روافد النفط وأحد الأطراف المهمة في المعادلة النفطية حاليا، كيف لا وقد بلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري قرابة سبعة ملايين برميل يوميا؛ أي ما يقارب 6 في المائة من إجمالي إنتاج النفط العالمي. بحسب تقرير "أوبك"، من المتوقع أن يصل إنتاج الولايات المتحدة من السوائل البترولية عام 2019 إلى قرابة 18 مليون برميل يوميا، يشكل النفط منها 12.2 مليون برميل يوميا مقسمة بين النفط الصخري بما يقارب 7.4 مليون برميل يوميا، والنفط التقليدي 4.8 مليون برميل يوميا، أما الكميات الباقية فموزعة بين سوائل الغاز الطبيعي وغيرها. انعقد في السادس من كانون الأول (ديسمبر) قبيل أيام اجتماع "أوبك"، الذي انتهى يومه الأول بلا قرارات، حيث إن المملكة تدعم فكرة خفض الإنتاج لتوازن الأسواق، والتخلص من التخمة النفطية التي رمت بظلالها، وأثرت سلبا في أسعار النفط خلال الشهر الماضي، بالتزامن مع العقوبات الأمريكية على الصادرات النفطية الإيرانية التي صاحبها استثناء لبعض الدول. موقف المملكة واضح، وهو أن تخفيض الإنتاج يجب أن يكون مسؤولية الجميع، وبتعاون جميع الدول المنتجة داخل "أوبك" أو خارجها، وعلى رأسها - بلا شك - روسيا. ذكرت قبل شهر تقريبا أنني أتوقع أن يتم خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا كحد أدنى بعد اجتماع "أوبك"، ولعل المؤشرات من اجتماع "أوبك" حتى لحظة كتابة هذا المقال تسير في هذا الاتجاه، وتوقعت أن الأسعار - من وجهة نظر وقراءة شخصية - لن تنخفض أكثر مما انخفضت، عندما كان سعر برميل خام برنت قرابة 58 دولارا، وإن كان هناك نزول فلن يتجاوز - بإذن الله - 10 في المائة، وأتوقع - والعلم عند الله - أننا سنرى سعر برميل خام برنت في حدود 65 دولارا بنهاية هذا العام. ويرى بعضهم أن الرئيس الأمريكي سيكون عقبة كبيرة أمام "أوبك" لخفض الإنتاج، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ولعل تصريح الوزير خالد الفالح لأحد الصحافيين على هامش اجتماع "أوبك" حول هذا الموضوع، حيث قال فيما معناه إن من حق الرئيس دونالد ترمب أن يتمنى ويعمل للحصول على أسعار طاقة مناسبة لشعبه، وهذا ينطبق على جميع الدول المستهلكة في فرنسا والهند وغيرهما، لكن مبدأنا واضح، وهو أن نصل بأسواق النفط إلى منطقة مرضية للمنتجين والمستهلكين. ختاما، أعتقد أن المشاورات القائمة حاليا مع روسيا كمنتج مستقل خارج "أوبك"، ستنتهي باتفاق لخفض الإنتاج يصل إلى مليون برميل يوميا تقريبا، والله أعلم.
عين على «أوبك» .. وعين على ترمب
- Details