عودا على بدء، سلطت الضوء في المقالين السابقين من هذه السلسلة من المقالات على أحد أهم مصادر الطاقة وهو الغاز الطبيعي، وذكرت أنه في ظل التسارع المطرد في نمو عدد سكان العالم، نجد هناك تسارعا موازيا له في الطلب والحاجة إلى الطاقة بشتى أنواعها، وأن للطاقة أشكالا كثيرة ومصادر مختلفة، فمن مصادرها ما هو متجدد كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الجيوحرارية، ومنها ما هو ناضب كالوقود الأحفوري الذي يشمل النفط والفحم والغاز موضوع هذه السلسلة من المقالات.
في نهاية المقال السابق، أجبت عن سؤال عنوان هذه السلسلة، وذكرت أن "أرامكو" السعودية تهدف إلى أن تكون واحدة من أكبر ثلاث شركات منتجة للغاز على مستوى العالم، وأن تصدر الغاز للمرة الأولى في تاريخها بحلول عام 2030. قبل أيام صدرت الأرقام الرسمية لاحتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي المؤكدة، وهي بلا شك أرقام مبشرة، ونعمة أضافها الله إلى نعمه السابقة التي مَنَّ بها على وطننا الغالي، فما انعكاس هذه الأرقام الإيجابي على المملكة وصناعتها واقتصادها؟
أعلن خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، نتائج التدقيق المستقل للاحتياطيات النفطية الثابتة "المؤكدة" في المملكة التي نتج عنها رفع إجمالي هذه الاحتياطيات المؤكدة إلى نحو 268.5 مليار برميل من النفط اعتبارا من نهاية عام 2017، وكذلك ارتفاع الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي إلى 325.1 تريليون قدم مكعبة قياسية، وبحمد الله يؤكد هذا التقييم المستقل أن كل برميل من النفط ينتج في المملكة هو الأكثر ربحية على مستوى العالم.
الجدير بالذكر أن كون هذا التدقيق مستقلا؛ حيث قامت به جهات استشارية لها باع طويلة في هذا المجال وذات مصداقية قوية، أضحى ذلك بمنزلة رد عملي واحترافي على جميع المشككين، سواء بحسن أو بسوء نية، في مقدار احتياطيات المملكة المؤكدة من النفط والغاز؛ إذ إن منهم من ذكر أن النفط القابل للاستخراج في السعودية لا يتجاوز 20 في المائة من الكمية المعلنة آنذاك قبل سنوات ليست ببعيدة، ومنهم من شكك في قدرة السعودية ودورها المحوري، والأهم في توازن الأسواق والإمدادات النفطية، رغم أن التاريخ يشهد والأرقام خير داحض لهكذا ادعاءات. وتوزيع نسبة الوقود المستخدم لإنتاج الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة للجهات المرخص لها كالتالي: 50.7 في المائة من الغاز الطبيعي، ويليه الزيت الخام بما يقارب 24.2 في المائة، وزيت الوقود الثقيل 16.5 في المائة، وأخيرا الديزل بقرابة 8.6 في المائة. الأرقام السابقة توضح مدى حيوية وأهمية الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة الكهربائية، وكذلك تحلية مياه البحر، إضافة إلى كمية النفط الخام التي يتم حرقها لهذا الغرض؛ لذلك فإن استكشاف كميات إضافية من الغاز الطبيعي، وهذا ما تم إعلانه؛ يعني -بإذن الله تعالى- تخفيف استهلاك النفط الخام محليا؛ أي: مزيدا من الصادرات النفطية. ويعني ذلك أيضا مزيدا من الازدهار لقطاع البتروكيماويات الذي يعتمد على الغاز الطبيعي بشكل رئيس.
وكما صرح المهندس أمين الناصر، بأن "أرامكو" السعودية ستصدر الغاز لأول مرة -بإذن الله- بحلول عام 2030، ما سيدعم اقتصاد السعودية بلاشك، وينوع إيراداتها.