يوم أمس الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) هو الموعد النهائي للنظام الإيراني لتفادي العقوبات الأمريكية بتنفيذ الـ 12 مطلبا، الذي تصل فيه العقوبات الأمريكية ذروتها، وعدم تنفيذ هذه المطالب سيعرض إيران لعقوبات شديدة في قطاعي النفط والمصارف قد تكون الأقسى منذ عقود؛ حيث إن حملة الضغط القصوى التي تمارسها الولايات المتحدة تهدف إلى خفض صادرات النفط الإيراني إلى "الصفر". من أبرز هذه المطالب وقف تخصيب اليورانيوم للأغراض العسكرية، والإفصاح عن برامجها النووية بشكل كامل، وكذلك وقف نشر الصواريخ الباليستية وتطويرها، إضافة إلى وجوب سحب ميليشياتها من سورية، ووقف دعم الميليشيات الإرهابية، وعدم تهديد عمليات النقل البحرية والدولية، ووقف الهجمات السيبرانية. من أهم البنود أيضا احترام دول الجوار، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. قبل تاريخ كتابة هذا المقال يوم الخميس الموافق للأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، أود أن أعرج بعجالة على تعامل بعض الدول المستوردة للنفط الإيراني قبل انتهاء المهلة. انخفضت واردات اليابان من النفط الإيراني 31 في المائة على أساس سنوي في أيلول (سبتمبر) الماضي، وبحسب "رويترز" فإن أكبر محطتين حكوميتين لتكرير النفط في الصين هما "سينوبيك" وشركة النفط الوطنية الصينية قررتا عدم شراء الخام الإيراني لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) تحسبا للعقوبات الأمريكية، وهي ضربة قاسية للنظام الإيراني؛ حيث إن الصين تعد أكبر مشتر للنفط الإيراني. العراق كذلك قررت التوقف عن نقل النفط الخام إلى إيران بواسطة الشاحنات التزاما بالعقوبات الأمريكية. أعتقد وبما لا يدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة جادة جدا في تنفيذ العقوبات، فقد جاء على لسان رئيسها أن هذه العقوبات سيتبعها مزيد من العقوبات لمواجهة السلوك الإيراني الخبيث، وشدد الرئيس دونالد ترمب قائلا: "لن نسمح لرعاة الإرهاب في العالم بتطوير أخطر الأسلحة". تأثير العقوبات قبل أن تصل إلى ذروتها أصبح واضحا جليا في النظام الإيراني، الذي يعاني ضغوطا داخلية وخارجية شديدة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، فقد أعلن داوود ميرزابي سكرتير غرفة العمال في مدينة ساورة الإيرانية، انخفاضا حادا جدا في القدرة الشرائية لأجور العمال في إيران بلغ قرابة 80 في المائة، وهو وضع غير مسبوق في تاريخ إيران خلال أربعة عقود. كانت هناك معارضة شديدة بعض الشيء فيما يخص انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات على إيران، لكن هل سيتغير الموقف الأوروبي بعد موقف دولة الدنمارك من النظام الإيراني حيال تخطيط الأخير لاغتيال بعض رموز المعارضة الإيرانية على أراضيها؟ وهل سيوحد هذا الحدث الموقف الأمريكي - الأوروبي؟ أعتقد - ومن وجهة نظر شخصية - أن النظام الإيراني استنفد جميع حيله وألاعيبه للمراوغة، وقد خسر جميع حلفائه الذين باتوا يعون يقينا أن التحالف مع نظام كهذا لن يعود عليهم إلا بالعزلة والضرر، ولن أقول إنهم أصبحوا متأكدين أن هذا النظام هو الراعي الأول للإرهاب، فهم يعلمون ذلك، لكن كانوا يغضون الطرف لمصالح شخصية لا تخفى على أحد، ولكن ليس بعد الآن، فتشرين الثاني (نوفمبر) هذا سيكون - بإذن الله - ذا وجه أبيض ناصع لجميع الدول المتضررة من هذا النظام، بل العالم بأسره، وسيكون أسود كقطع الليل على زمرة الإرهاب، ومن يلف لفهم، ويستند إليهم، ويتغذى من فكرهم الإرهابي.
ما بعد 4 نوفمبر ليس كما قبله
- Details