الحقيقة التي باتت جلية للجميع، ولا تتطلب عناء البحث والفرز والتمحيص، أن ديدن النظام الإيراني الإرهابي هو استخدام مطاياه، الذين باعوا وطنيتهم وعقولهم لإيجاد قلاقل سياسية واقتصادية وأمنية بين الحين والآخر؛ لتحقيق أهداف تخدم مشروعهم لبسط نفوذهم الذي يحلمون به، وسيبقى ذلك حلما - بإذن الله - ولن يتحقق. اللعب على وتر الإمدادات النفطية إحدى أدوات هذا النظام البائس، فليست المرة الأولى التي يهدد بها هذا النظام بإقفال مضيق هرمز، ومنع ناقلات النفط ومنتجاته من المرور، وكما ذكرت سابقا في مقالي، الذي يحمل عنوان "زوبعة النظام الإيراني"، أنه كلما ضُيِّق الخناق على هذا النظام، وفُرِضت عليه العقوبات الاقتصادية، زاد توتره، وكثر "كلامه" وتصريحاته العنترية، التي تعج بالتهديد والويل. آخر هذه التهديدات قبيل أسابيع بإغلاق مضيق هرمز. وقد ذكرت أن النظام الإيراني أجبن من الإقدام على خطوة كهذه، فهكذا خطوة يعلم هذا النظام يقينا أنها ستعود عليه بالوبال. قبيل أيام استهدف الحوثيون، الذين يعدون بلا شك الذراع الإيرانية في اليمن، ناقلتي نفط سعوديتين، تملكهما شركة "بحري" السعودية، تحملان قرابة أربعة ملايين برميل من النفط أو منتجاته، وبفضل من الله ومنته كانت الإصابة محدودة جدا، ولولا فضل الله لرأينا كارثة بيئية بالقرب من مضيق باب المندب لن يسهل علاجها واحتواؤها. السؤال الذي يطرح نفسه: ما الهدف المنشود للنظام الإيراني من استهداف الناقلتين السعوديتين بواسطة الحوثيين؟ ذكرت سابقا عندما هدد النظام الإيراني بإقفال مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، أن هذا التهديد لا يتعدى كونه زوبعة في فنجان، والهدف منه رفع أسعار النفط؛ لكسب ما يمكن كسبه من صادراتها النفطية قبل أن تصل العقوبات الأمريكية ذروتها في اليوم الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. من وجهة نظري، ما قام به الحوثيون بإيعاز من إيران يخدم الهدف نفسه، وتُرجى منه الغاية نفسها، وهي ارتفاع أسعار النفط. السعودية اتخذت خطوة جادة وسريعة وذكية جدا بتعليق مرور ناقلاتها النفطية في مضيق باب المندب، وهو حق مشروع ورسالة واضحة للعالم بأسره أن سلامة الملاحة الدولية والإمدادات النفطية مسؤولية المجتمع الدولي، وأن إيران وميليشياتها الإرهابية في كل مكان خطر على السلم الدولي. فشل النظام الإيراني - بفضل من الله ثم الحنكة السعودية - في إرباك أسواق النفط ورفع الأسعار في كلتا المرتين: الأولى عند التهديد بإغلاق مضيق هرمز قبيل أسابيع قليلة، والأخرى قبيل أيام، عندما استهدف الحوثيون الناقلتين النفطيتين، ففي كلتا الحالتين لم ترتفع أسعار النفط إلا ارتفاعا طفيفا لا يذكر، بل استخدمت السعودية حقها المشروع لإيصال رسالة إلى العالم بأسره بأن مثل هؤلاء خطر وسرطان يجب استئصاله، وأقصد هنا بلا شك النظام الإيراني وكل الميليشيات التابعة له. هناك من يرى أن السعودية قامت بإيقاف صادراتها النفطية عن طريق باب المندب لرفع أسعار النفط للضغط على المجتمع الدولي، والحقيقة التي أعتقدها أن السعودية احتوت بذكاء ارتفاع الأسعار، والأرقام تشهد بذلك، وأن استقرار الأسواق النفطية من مسؤولياتها التاريخية؛ لما فيه خدمة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، مع احترامي الشديد لمن يتبنون هكذا رأي.
أمن باب المندب .. مسؤولية دولية
- Details