قبل شهر تقريبا، في يوم الإثنين الموافق 21 أيار (مايو) من عام 2018، كتبت مقالا بعنوان "اتفاقية رفع الإنتاج"، سلطت الضوء فيه على بعض العوامل التي تسببت في ارتفاع أسعار النفط قبيل كتابة المقال، التي تجاوزت 76 دولارا للبرميل لخام "برنت". من أهم الأسباب التي ذكرت، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، الذي تم إبرامه يوم الثلاثاء الموافق 14 تموز (يوليو) من عام 2015 بين كل من إيران والقوى العالمية الست "5+1"، وهي الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. أوضحت في المقال ذاته أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق ستتبعه عقوبات اقتصادية على إيران، منها الصادرات النفطية الإيرانية، حيث بلغ إنتاج إيران من النفط قرابة 3.8 مليون برميل يوميا، وتهدف إيران إلى رفع إنتاجها النفطي إلى 4.5 مليون برميل يوميا في غضون خمس سنوات، وكان ذلك على لسان علي كاردور، رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية، الذي أضاف أن إيران تخطط لتصل صادرتها النفطية إلى 2.5 مليون برميل يوميا والكمية الباقية من الإنتاج للاستهلاك الداخلي. تبدد المخطط الإيراني جراء انسحاب أمريكا، فبدلا من زيادة الصادرات النفطية الإيرانية "المعروض" من المتوقع أن المعروض النفطي العالمي سيفقد مليون برميل على المدى القصير بسبب العقوبات على إيران. عارضني قبل شهر بعد كتابة مقالي نخبة من الاقتصاديين الذين أكن لهم كل احترام وتقدير، عندما رأيت أن الوصول إلى اتفاقية لرفع الإنتاج أصبح مطلبا رئيسا كي لا تعود أسواق النفط إلى السباق المحموم للظفر بحصص سوقية أكبر. حيث كما صرح الوزير المهندس خالد الفالح، أن "أوبك" بقيادة السعودية وبالتعاون مع المنتجين المستقلين خارجها يهدفون إلى توازن الأسواق النفطية، وصرح أيضا "نريد أن نحول دون نقص النفط وشح المعروض الذي رأيناه في عامي 2007 و 2008 والعالم سيواجه نقصا في المعروض النفطي سيبلغ 1.6 إلى 1.8 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من عام 2018". ذكر أيضا أن هناك اتفاقا ساحقا لرفع الإنتاج بنحو مليون برميل تدريجيا. الحقيقة ومن وجهة نظر شخصية، وإن اختلف معي بعض الأكارم، أن "أوبك" بقيادة المملكة قامت وما زالت تقوم بتحرك مرن إيجابي وفعال يهدف إلى استقرار وتوازن أسواق النفط لمدة أطول، وأن هذه المرونة منقبة لها وليست مثلبة والأرقام تشهد بذلك، ولا أصدق ولا أجدى من لغة الأرقام.
أود أن أختم مقالي ببعض ما ذكره الأمير عبدالعزيز بن سلمان، حيال الوضع الراهن، حيث قال "تلتزم المملكة العربية السعودية دائما بالمحافظة على توازن السوق، سعيا منها إلى تحقيق نمو اقتصادي عالمي قوي، وبما يساعد المنتجين والمستهلكين على تحقيق الازدهار. وأن النفط سيحتفظ بدوره المستقر في توجيه دفة الاقتصاد العالمي، وسيظل حجر الأساس لمستقبل الطاقة المستدام، ونظرا لأهميته في تحقيق التقدم والازدهار، ستبذل أوبك وشركاؤها كل ما يتطلبه الأمر للمحافظة على استقرار السوق وضمان عدم حدوث نقص في المعروض".