في يوم الثلاثاء الموافق 14 تموز (يوليو) من عام2015 تم الاتفاق النووي بين كل من إيران والقوى العالمية الست "5+1"، وهي الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. كان ذلك في عهد الرئيس الأمريكي أوباما، الذي كان يعتقد أن هذا الاتفاق بمنزلة انتصار نوعي لتحجيم دور إيران في تصدير الإرهاب للمنطقة والعالم بأسره، إضافة إلى ذلك منعها من امتلاك سلاح نووي! الحقيقة أن كل ذي لب يعي أن هذا الاتفاق جلب كثيرا من الويلات السياسية والأمنية والاقتصادية للمنطقة، بل إن موقف الرئيس السابق أوباما كان رخوا، حيث يعتقد بعضهم أنه أعطى الضوء الأخضر لرأس الشيطان ومنبع الإرهاب النظام الإيراني ليعيث فسادا في المنطقة، على سبيل المثال لا الحصر سورية والعراق واليمن ولبنان وغيرها.
لنعود إلى الوراء قليلا لعام 2012 عندما تم تشديد العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على إيران، في ذلك الوقت كانت تنتج قرابة 3.5 مليون برميل يوميا، وبفعل العقوبات المفروضة عليها بدأ الإنتاج ينخفض بشكل كبير ومتسارع، حيث وصل إنتاجها إلى 2.7 مليون برميل يوميا، أي انخفض بنسبة 29 في المائة تقريبا في أقل من عام. بقي معدل الإنتاج الإيراني من النفط على هذا النحو حتى تم إبرام اتفاقية الشؤم، التي رفعت الحظر عن صادراتها. هذه الاتفاقية أتاحت الفرصة لإيران لرفع إنتاجها إلى قرابة 3.7 مليون برميل من النفط يوميا، وكل ذلك من "بركات" الرئيس أوباما.
قد يتساءل القارئ الكريم حول أحقية إيران في رفع إنتاجها أسوة بالدول الأخرى وأن هذا حق مكفول للجميع؟ أعتقد أن هذا المبدأ صحيح عند إنزاله على دولة "محترمة" تهتم بتنمية شعبها وتطويرهم، والأهم أن تحترم الأنظمة العالمية وحق الجوار.
الواقع مختلف تماما في إيران، فلا يخفى على أحد أن لهذا النظام عقيدة للنفوذ وتصدير الخراب والدمار لدول المنطقة، فكلما زادت إيرادات هذا النظام الإجرامي المالية، زاد تغولا وإضرارا بدول الجوار والعالم بأسره، وما سورية واليمن والبحرين إلا شاهد على ذلك. رفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق النووي كان أحد الأسباب الرئيسة في انخفاض أسعار النفط التي وصلت إلى دون 30 دولارا، عندها قادت المملكة لواء الخروج من هذه الأزمة بتوقيع الاتفاقية التاريخية لخفض الإنتاج، الذي أدى إلى توازن ملحوظ في أسواق النفط حتى وصلت أسعار النفط إلى قرابة 75 دولارا.
كنت قد توقعت قبل أكثر من ستة أشهر أن أسعار النفط سوف تتأرجح بين 67 و77 دولارا في عام 2018 بناء على معطيات الأسواق الفنية والجيوسياسية وغيرها، وذلك في حال لم تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مساء يوم الثلاثاء الموافق الثامن من أيار (مايو) لعام 2018 رسميا انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، أتوقع أن تصل الأسعار إلى 85 دولارا ومن ثم تبقى متأرجحة بين 75 دولارا و85 دولارا في عام 2018 ما لم تطرأ أمور أخرى الله أعلم بها قد تؤثر في الأسعار إيجابا أو سلبا.