عودا على بدء، تناولت في المقال السابق الذي يعتبر المقال الرابع من هذه السلسلة من المقالات عن التنقيب عن النفط وطرقه، تناولت طريقة الجاذبية التي تعد أحد الأنواع المندرجة تحت طريقة المسح الجيوفيزيائي. تستخدم طريقة الجاذبية لدراسة ومعرفة الطبيعة الجيولوجية لباطن الأرض في حدود ضيقة وأعماق بسيطة نسبيا لا تتجاوز الكيلو مترات الأولى القريبة من سطح الأرض. ذكرت أيضا أنه قد تستخدم أكثر من طريقة من الطرق المتاحة للتنقيب عن النفط وغيره من الثروات الطبيعية في وقت واحد، حيث إن الهدف من ذلك هو الوصول إلى دلائل ومؤشرات أقوى عن وجود النفط في مصائده، وبالتالي تنخفض نسبة المخاطرة "الخسارة" في حفر الآبار التجريبية التي تعتبر الكلمة الفصل كما أسلفنا سابقا في التأكد بشكل قطعي عن وجود النفط والغاز. في هذا المقال سنسلط الضوء بشيء من التفصيل على الطريقة المغناطيسية والطريقة الكهربائية، وهما من الطرق المستخدمة في التنقيب عن النفط. بسبب التغيرات الجيولوجية في باطن الأرض واختلاف طبقاتها وتركيبتها وخصائصها، يستخدم المسح المغناطيسي لقياس التغير في شدة المجال المغناطيسي للأرض من موقع إلى آخر، ما يعطي مؤشرات قوية عن نوع الصخور وسمكها. يستخدم "المقناميترز" في المسح المغناطيسي، ومن الممكن استخدامه على سطح الأرض أو في المسطحات المائية باستخدام السفن المجهزة لهذا الغرض أو حتى بواسطة الطائرات. حيث يستخدم لتحديد سمك الصخور الرسوبية التي من المتوقع أنها تحوي النفط وغيره من المعادن. لحق هذه الطريقة للتنقيب عن النفط وثروات باطن الأرض الطبيعية ما لحق غيرها من الطرق من تطور علمي مطرد، حيث أصبح من الممكن القيام بعملية المسح المغناطيسي باستخدام الأقمار الصناعية لعمل خرائط جيولوجية عالية الدقة. الطريقة الثانية التي سنتطرق لها في مقالنا هذا تسمى بالطريقة الكهربائية، وبعيدا عن التعقيد والخوض في التفاصيل الدقيقة لهذه الطريقة، يمكن إيجاز آلية عملها للقارئ الكريم أنها تعتمد على اختلاف قياسات المقاومة النوعية الكهربائية بين أنواع الصخور المختلفة، فلا يخفى على القارئ الكريم أن هناك عوامل فيزيائية وكيماوية كثيرة تجعل المقاومة النوعية الكهربائية مختلفة بين الطبقات والتكوينات ذات الخصائص المختلفة. حيث من الممكن تحديد عمق الصخور والحصول على مؤشرات لا يستهان بدقتها عن وجود النفط وبعض أنواع المعادن الأخرى. هناك طرق أخرى للتنقيب عن النفط وغيره من الثروات الطبيعية في باطن الأرض قد لا يسعني تسليط الضوء عليها جميعا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الدراسات الجيوكيميائية التي تبدأ بالدراسة السطحية للأرض من قياس كمية الغازات الممتصة في حبيبات الرمل والصخور القريبة من سطح الأرض والإشعاعات الصادرة من هذه الصخور وتحديد أنواع البكتيريا التي تعيش وتنمو غالبا في مختلف أنواع الوقود الأحفوري "النفط، الغاز، الفحم" التي تنتج عنها مؤشرات قوية عن وجوده في باطن الأرض. ذكرنا سابقا أن جميع الطرق التي تطرقنا لها في هذه السلسلة من المقالات لا تعطي دلالة قطعية على وجود النفط، بل مؤشرات متفاوتة في الدقة عن وجوده، وأن التأكد القطعي لا يكون إلا بحفر آبار تجريبية، وهذا ما سيكون موضوع مقالنا التالي الذي سنختم به هذه السلسلة من المقالات بإذن الله تعالى.
في التنقيب عن النفط «5»
- Details