اقتصاديون: دخول الأسواق الأوروبية ليس إغراقا والأسعار حفزت المستهلكين
أعاد انخفاض أسعار النفط وتزايد حاجة عدد من الدول للوقود الأحفوري أخيرا، رسم خارطة حصص الدول المصدرة، في مشهد يعكس نمو المنافسة على زيادة الحصة السوقية بين هذه الدول، وهو ما يؤكد أن توجه المملكة إلى الأسواق الأوروبية لا يعد إغراقا بحسب ما ذهبت إليه بعض التحليلات، حيث إن إنتاج النفط السعودي ما زال محدودا بقدر معين، وأن توجهها إلى دول في أوروبا يعد تلبية لطلب السوق.
وبدأت المملكة في تصدير النفط إلى بولندا للمرة الأولى في تاريخها، قبل أيام، الأمر الذي وصفه رئيس شركة روزنفت الروسية بالتهديد الكبير لحصة روسيا السوقية في شرق أوروبا، فيما علق وزير الطاقة الروسي على هذه الخطوة من جانب السعودية بقوله، إن دخول السعودية إلى شرق أوروبا يشكل "أصعب منافسة لروسيا"، مشيرا إلى أن وفدا من وزارته سيذهب إلى فيينا للمشاركة في اجتماع مع مسؤولين من أوبك اقترحته فنزويلا.
توجه السوق
أمام ذلك، يرى نائب رئيس شركة أرامكو السعودية السابق لشؤون الحفر والتنقيب والخبير النفطي المهندس عثمان الخويطر، في تصريح إلى "الوطن" أن إنتاج المملكة النفطي مثل غيرها من الدول المصدرة للنفط وهو محدود إلى حدّ ما، مضيفا: "ومن المؤكد أن اتجاهها الجديد كان بناء على طلب السوق".
وأشار الخويطر إلى وجود صراع أسعار قائم منذ أكثر من عام حول الحصص السوقية، مستدركا ذلك بقوله: "وإلا لما هبطت الأسعار إلى هذا المستوى المتدني، وستستمر الحال حتى يتوازن الطلب مع الإنتاج أو يطرأ أمر جديد على سياسات الدول المصدرة نحو خفض كميات الإنتاج، وإن كان ذلك مستبعدا في الوقت الحاضر".
وأوضح الخويطر أن لدى المملكة سياسة واضحة ومعروفة، ولا تفاوض حول خفض الإنتاج في الوقت الحاضر، لافتا إلى أن دخول المملكة إلى غرب أوروبا لن يغير شيئا من قواعد اللعبة، فهو مجرد نقل البيع من مكان إلى آخر.
انخفاض محفز
أما الخبير النفطي المهندس عبدالرحمن النمري فيرى أن انخفاض أسعار النفط العالمي أدى إلى تحفيز الطلب الأوروبي عليه، وهو ما يعد فرصة جاذبة للسعودية وغيرها من مصدري النفط للولوج والمنافسة في هذه السوق، قائلا إن تنويع الأسواق خطوة تصب في مصلحة أي دولة مصدرة، وإن توجه المملكة للسوق النفطية الأوروبية والمنافسة فيها ليس بهدف إغراق السوق، بل لزيادة حصتها السوقية ومن ثم زيادة العائد الاقتصادي.
وحول ما إذا كانت الدول المصدرة للنفط تشهد صراعا على الحصص السوقية، قال النمري إن الصراع على الحصص السوقية هو صراع قديم وسيبقى ببقاء النفط، والسياسة النفطية للمملكة واضحة المعالم وتجلّت في تصريح وزير البترول السعودي، الذي قال إن السعودية لن تخسر أيا من حصتها السوقية ولو انخفضت أسعار النفط أكثر مما هي عليه الآن بكثير.
ملفات ساخنة
ولفت النمر إلى أن طلب إندونيسيا لتفعيل عضويتها في أوبك، ودخول النفط السعودي لأسواق غرب أوروبا، ورفع العقوبات عن إيران، تعد جميعها ملفات ساخنة على طاولة أوبك لمناقشتها ودراسة انعكاساتها على السوق النفطي بشكل عام، ومنظمة أوبك بشكل خاص وذلك خلال اجتماع أوبك بشأن النفط الخام في ديسمبر المقبل.
وحول ما إذا كان تدفق النفط السعودي لأسواق غرب أوروبا سيؤدي إلى تغيير الأسعار العالمية للنفط إضافة إلى تغيير الموازيين في السوق، أجاب النمري أنه من الصعب القراءة المستقبلية للسوق النفطية، بل تكاد أن تكون مستحيلة من وجهة نظره في ظل ما يشهده العالم عموما ومنطقة الشرق الأوسط خصوصا من أحداث ألقت وستلقي بظلالها على الاقتصاد الإقليمي والعالمي على حد سواء.
صحيفة الوطن